اسفير نيوز
الخرطوم: خديجة الرحيمة
أثارت الخطوة التي قامت بها وزارة المالية بزيادة الرسوم المختلفة جدلاً واسعاً وسط المواطنين، وقوبلت برفض كبير من الجميع .
وعبر عدد من المواطنين لـ (الانتباهة) عن رفضهم الشديد لتلك الزيادات التي وصفوها بالانتقامية،
ولجأ كثير من القانونيين للطعن في هذا القرار الذي وصفوه باللاقانوني.
وقال الخبير القانوني نبيل أديب ان هذه الزيادات غير قانونية في ظل غياب الجهة التي تجيزها، مطالباً الجميع باللجوء للطعن القانوني.
ومن جانبه عبر رئيس مفوضية حقوق الإنسان رفعت الأمين عن رفضه التام لتلك الزيادات، وتساءل قائلاً: (حتى الآن لم تجز الموازنة الجديدة فكيف اجيزت هذه الزيادات؟)، مطالباً الحكومة بالتراجع عن هذه الزيادات.
زيادات خيالية
وأصدرت وزارة المالية امس الأول قراراً برفع رسوم الجوازات والمعاملات المرورية وغيرها بنسبة (١٠٠٪). وبلغت رسوم استخراج الجواز (51) ألف جنيه بدلاً من (26) الف جنيه، كما بلغت رسوم الفحص الآلي (14) ألف جنيه بدلاً من (3) آلاف جنيه، ورسوم الترخيص (69) ألف جنيه، كما بلغت رسوم المعابر(١٥٠) ألف جنيه، وبلغت رسوم المغادرة عبر المطار (50) ألف جنيه بعد أن تم إلغاؤها سابقاً. وبلغت رسوم الايصالات المرورية (15) الف جنيه بدلاً من (10) آلاف جنيه. ورسوم دخول السيارات في المطار (١٠٠٠) جنيه بدلاً من (٥٠٠) جنيه، ورسوم ضياع التذكرة (٣٠٠٠٠) جنيه بدلاً من (٣) آلاف.
زيادة انتقامية
(زيادات وضغوطات انتقامية في يومين فقط منذ بداية السنة الجديدة)… هكذا بدأت المواطنة ايناس حسن حديثها لـ (الانتباهة) لتضيف قائلة: (أصبحنا في دولة بلا قانون، لذلك كل شخص يعمل بمزاجه، ونحن ندفع ثمن ذلك، واذا اردت ان تقيم في البلاد ستدفع ثمن ذلك، واذا أردت الهجرة ستدفع ضعف ذلك)، معبرة عن رفضها التام لهذه الزيادات التي وصفتها بالانتقامية.
ومن جهته قال الشاب بدر الدين علي: (أصبحنا نشعر بالأسف الشديد كوننا سودانيين، ولا نعلم ذنبنا الذي عوقبنا عليه بمسؤولين ينهشون عظامنا كي يعيشوا حياة رفاهية، ونرفض هذه الزيادات جملة وتفصيلاً، واذا كانت هذه الزيادات ستحل مشكلة الاقتصاد فنحن على استعداد لدفعها دون أي نقاش، وكان الله في عون المواطن المغلوب على أمره.(
وفي منحى آخر يقول المواطن غازي بشرى: (أصبح جبريل (في اشارة منه لوزير المالية) يقوم بإرسال الاوامر لجنوده في حركة العدل والمساواة بحمل أسلحتهم وإشهارها في وجه (الماشي والقاعد) لجمع الأموال عنوة وفرض الجبايات والضرائب والرسوم بحد السلاح، ولو أن جبريل يجمع كل هذه الاموال عبر الرسوم والضرائب والجمارك والجبايات المطردة لصالح أهل دارفور الذين هجرتهم الحروب ومزقتهم ودمرت منازلهم ومزارعهم وقضت على اخضرهم ويابسهم أو يكرسها لصالحهم، سنبصم بالعشرة ونقول انهم يستحقونها، ولكن جبريل لا تهمه دارفور ولا انسانها الذي عاش الحروب بسببه) .
رفض وقبول
وخلال الجولة التي قامت بها (الإنتباهة) في بعض المجمعات لاحظت أن هناك تضجراً كبيراً وسط المواطنين، وبالرغم من ذلك فمجمع السجانة لم تقل زحمته بل اصبحت في زيادة كبيرة، فالبعض كان يقول ان هذه الزيادات طبيعية بينما رفض البعض الآخر هذه الزيادات. وقال المواطن احمد عيسى لـ) الانتباهة): (نحن مجبرون على دفع تلك الرسوم لاستخراج جوازاتنا كي نخرج من هذه البلاد الطاردة، ولا بد ان نضحي بذلك، وكل شيء أصبح في زيادة، ونحن المواطنين ندفع ثمن ذلك لانه ليس لدينا خيار غيره، وعلى الرغم من هذه الزيادات فهناك بطء في الإجراءات من قبل العاملين بالمجمع).
اما الموطن محمد فيختلف مع عيسى في رفضه هذه الزيادات وقال لـ (الانتباهة): (هذه الزيادات طبيعية في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وكل شيء قابل للزيادة، فالامر ليس قاصراً على الجوازات وأوراق المرور). اما في مجمع العلاقات البينية فالزيادات لم تطبق حتى الآن والإجراءات تسير بصورة طبيعية. ولكن في المغتربين فالعمل شبه متوقف بالكامل رغم ازدحام المكان.
ضرائب غير مباشرة
(الزيادات في الرسوم المختلفة التي تمت في مختلف الرسوم هي شكل من اشكال الضرائب غير المباشرة على الافراد والاقتصاد، وظاهرياً هي ذات صلة مباشرة بالقادرين على دفع ثمنها، خاصة الذين يسافرون باستمرار)، هكذا بدأ الخبير الاقتصادي وائل فهمي حديثه لنا ليضيف قائلاً: (بالنسبة لرسوم الجوازات فإنها تمت زيادتها في العام الماضي ولم يحتج احد في ذلك، والآن تمت زيادتها بنسبة مئة بالمئة، والمشكلة المتوقعة هي أن يقوم التجار باضافة كامل الرسوم الاضافية على وارداتهم وصادراتهم، وبغض النظر عن اختلاف التجار في مسألة تحميل بضاعتهم اية زيادات تقع عليهم فانهم بذلك سيرفعون الاسعار بكامل قيمة الزيادة في الرسوم مما يضعف تنافسيتها في مختلف الاسواق المحلية والاجنبية، ولا اتوقع تأثيراً قوياً ومضاعفاً على المستوى العام للأسعار خاصة اذا ما اضيف الاستهلاك السنوي فقط، ولكن بما ان ٨٥% من سلة المستهلكين ومدخلات انتاج كافة وحدات الانتاج بكل القطاعات الاقتصادية هي من الواردات، وهذا هو الشق الاهم داخلياً، فإنه من المتوقع زيادة الاسعار بصيغة مضاعفة لترابط سلة الاستهلاك والتجارة الخارجية مع بعضها البعض، مما يؤثر سلباً على المستوى المعيشي للمواطنين نتيجة لتآكل القوة الشرائية).
زيادة غير قانونية
وبالمقابل يقول الخبير القانوني نبيل أديب ان هذه الزيادات غير قانونية، وأشار في حديثه لـ (الإنتباهة) الى ان هذه الزيادات يمكن الطعن فيها قانونياً، وأضاف قائلاً: (هذه الرسوم يمكن الطعن فيها ويصدر لها قانون في ظل عدم وجود مجلس تشريعي مشترك، والسلطة التي تجيز هذه الزيادات غير موجودة، ولا نعلم من أين أتت في ظل عدم وجود حكومة مدنية)، مطالباً الجميع باللجوء الى القانون.
رفض وعجز
(نحن تابعنا بانزعاج هذه الزيادات التي طرأت).. هكذا بدأ رئيس المفوضية القومية لحقوق الإنسان رفعت ميرغني الأمين حديثه لـ (الإنتباهة)، وأضاف قائلاً: (اننا أمام مشهد غريب، وهو أن الحكومة تريد ان تعالج العجز في الموازنة عن طريق اللجوء للمواطن الذي ظل يعاني كثيراً جراء الزيادات المفاجئة التي لم تراع وضعه المعيشي، وهذه الزيادات لا يوجد ما يبررها في ظل غياب الرعاية الاجتماعية وارتفاع معدلات الفقر والبطالة وضعف الأجور)، مطالباً الحكومة باتخاذ إجراءات لرفع المعاناة المعيشية للمواطنين، بجانب اتخاذ تدابير تحمي حقوق الانسان الاقتصادية والاجتماعية وعلى رأسها الصحة والتعليم والغذاء الكافي والمياه الصالحة للشرب، بحسب تعبيره. وقال: (نطالب الحكومة أيضاً بالتراجع عن هذه الزيادات والبحث عن حلول اقتصادية بعيداً عن المواطن، كما نطالبها بمعالجة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي اصبحت عبئاً على الأسر خاصة ذوي الدخل المحدود).
تطبيق وتوقف
وبشأن تطبيق الزيادات بمجمعات الجمهور كشف مصدر رسمي بالمغتربين عن عدم تطبيق الزيادات حتى الآن، وقال لـ (الانتباهة): (نقوم بكافة الإجراءات وعندما نصل لمرحلة الرسوم نتوقف، ومنذ الأمس لم يقم مواطن بدفع الرسوم القديمة ولا الجديدة).
ولكن مجمع خدمات الجمهور بالسجانة قام بتطبيق الزيادات منذ الأمس بحسب جولة (الإنتباهة) التي قامت بها. وقال مسؤول بالمجمع ــ فضل حجب اسمه: (قمنا بتطبيق الزيادات واي شخص مجبر ويريد أن يسافر يدفع، والمضطر يركب الصعب، ورغم هذه الزيادات لم تقل زحمة المجمع)، مؤكداً قبول الجميع هذه الزيادات.
ومصدر آخر من العلاقات البينية أكد لـ (الانتباهة) عدم تطبيق الزيادات حتى الآن، وقال: (نحن كجهة خاصة لدينا رسوم أصحاب عمل لم تحدد حتى الآن، لذلك لا نستطيع تطبيق الزيادة قبل ذلك)، مؤكداً العمل بالرسوم القديمة حتى الآن .