عميد م/ ابراهيم عقيل يكتب.. سياقات ثابتة ومتجددة

0

 

(2)

_مجلس الأمن تحت «النفوذ الأمريكي» يمدّد العقوبات المفروضة على السودان عاماً واحداً._

 

أنا أسميها العقوبات الروتينية ضد الشعب السوداني، فهي روتين سنوي بدأ منذ اواخر عهد النميري مروراً بفترة الصادق المهدي ثم زادت العقوبات في العام 97م والعام 2005م وكانت تصب على الدوام في صالح جماعات التمرد المسلح آنذاك والمعارضة العميلة، وتستعمل لممارسة المزيد من الضغوط على حكومة السودان كي تقدم تنازلات بشأن مواقفها السياسية، خاصة تلك التي تتصل بالموافقة على مشاريع الهيمنة الأميركية في المنطقة، ومنذ ذلك العام ظلت تتكرر العقوبات في ذات الوقت من كل عام، وبالرغم من أن هذه العقوبات من ناحية قانونية تشكل مخالفة صريحة لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون والاتفاقات الدولية المنظمة للعلاقات التجارية والاقتصادية والمالية بين الدول، ولكن امريكا بنفوذها وسيطرتها على دهاليز وأروقة هيئة الأمم المتحدة تستخدم هذه العقوبات لأغراض سياسية، وكافة شعوب العالم الحر يعلمون ان العقوبات هي لتحقيق مصالح لأمريكا وحليفتها إسرائيل والدول الإستعمارية التي تنظر إلى السودان كمخزن للموارد يجب أن يكون مغلق على الدوام.

 

لا ينبغي لعاقل وسوداني وطني حر أن يوافق على هذه العقوبات الإستعمارية والإجراءات الاقتصادية الأحادية وهي إجراءات مرفوضة ومنبوذة من المجتمع الدولي لولا الضغوط الأمريكية وهيمنة القطب الواحد، لما تمثله هذه العقوبات من انتهاك بالغ وواضح للقانون الدولي ولحقوق الشعوب في التنمية والحصول على الخدمات الضرورية.

 

لقد ظلت أميركا على الدوام تتذرع بأسباب وحجج مختلفة في كل مرة لتبرير استهدافها للسودان وسعيها لتكثيف الضغوط عليه ومحاصرته اقتصادياً في كيد سياسي واضح وازدواجية وتناقض لا تخطئهما العين، فهذه العقوبات تعتبر أكبر مهدد للسلم والأمن الاجتماعي الإقليمي لما تسببه من حرمان الشعب السوداني من الحصول على حقوقه في التنمية، وبالتالي في إبقائه في دائرة الفقر والتخلف مما يؤدي إلى تصعيد واستدامة النزاعات والخلافات التي تقعد بالسودان وهذا هو هدف العقوبات.

 

من سخرية الأقدار أن بعض السياسيين السودانيين ممن كانوا يطلبون من امريكا فرض العقوبات على السودان، تم استخدام هذه العقوبات ضدهم عندما استلموا الحكم بعد زوال الأنقاذ وذهاب البشير.

وقد حدث ذلك للناشط عمر قمر الدين وزير الخارجية المكلف في حكومة قحت فهو تحدث امام الكونغرس وطالب بفرض العقوبات على بلده، بل وتجند ضمن منظمة (كفاية) الأمريكية وهي إحدى أدوات الديمقراطيين التي تعمل في الفلك الإفريقي وتقوم بتجنيد الداعمين للعقوبات وخداع الرأي العام الأمريكي وتهيئة الناخب الامريكي لكي يقبل من حكومته فرض العقوبات على الشعوب، وهذا المدعو عمر قمر الدين تعرض لموقف محرج عندما اصبح وزير مكلف بالخارجية فقد حاولت الحكومة السودانية إبان جائحة كرونا الأولى اخلاء سودانيين من الصين بطائرة ولكن حالت العقوبات دون ارسال المال اللازم لإستئجار الطائرة.

 

فأمثال قمر الدين لم يكونوا أكثر من ممثلين كومبارس في مسرح مكشوف يدار من خلف الكواليس يصعد فيه الممثل ليؤدي دوراً مرسوماً ثم يغادر، ودوره في منظمة (كفاية) لم يتجاوز الدور المكتوب له في المشهد المحدد بالفصل المعني بالمسرحية الكبرى، والتي لا يعلم الكثير من السودانيين بطبيعة وتفاصيل السياسة الأمريكية نحو السودان وخاصة المتوهمين من الناشطين والمخدوعين بالحرية والديمقراطية الأمريكية.

 

اترك رد