نائب رئيس حزب الأمة القومي الفريق صديق إسماعيل لــ(الإنتباهة): اختراق بعض الناشطين المكون العسكري باعد خطوطهم ودق طبول الحرب
ما جرى أمس الأول لم يكن اجتماعاً مع الكتلة الديمقراطية وإنما لقاء وطني خالص لهذا الهدف (..)
ما يجري داخل الحزب ليس أزمة مكتومة وإنما أزمة تنظيمية
هذا ما قام به رئيس الحزب من إجراءات لإعادة الأمور لنصابها
أي تقارب بين رأسي المكون العسكري مؤشر إيجابي ويحتاج إلى إسناد
فشل المساعي للتوافق الوطني سينتهي بنا إلى ما لا يحمد عقباه
الاتفاق الإطاري بشكله الحالي لن يحقق أهدافه
حوار: محمد جمال قندول
* اشتهر نائب رئيس حزب الامة القومي الفريق صديق اسماعيل بآرائه الجهيرة والصريحة داخل اروقة كيان الانصار السياسي، خاصة المتعلقة بمواقف الحزب حيال القضايا الوطنية، الامر الذي يجعل اي حوار مع الرجل مثيراً للجدل وتحظى افاداته بصيت واسع.
(الإنتباهة) قلبت مع الفريق صديق جملة من محاور الساعة ابرزها اللقاء الذي جمع حزب الامة مع قيادات الكتلة الديمقراطية، وكان مثار الحديث على مدى اليومين الماضيين، بجانب خلافات المكون العسكري التي خرجت من السر للعلن بين الرئيس البرهان ونائبه حميدتي، فضلاً عن مصير العملية السياسية على ضوء المتغيرات التي صاحبت المشهد أخيراً، كما عرجنا برفقته على الحديث عن راهن حزب الامة وما حملته الانباء خلال الآونة الاخيرة عن الصراعات بداخله، والكثير المثير، فالى مضابط الحوار.
* كيف تقرأ الراهن السياسي على ضوء المتغيرات الاخيرة التي صاحبت المشهد؟
ــ الواقع السياسي السوداني لن يتقدم خطوة للامام ان لم يكن قد تراجع، والخلافات التي تظهر من وقت لآخر مهدد حقيقي لمشروع الاستقرار الذي صمم من اجله الاتفاق الاطاري، وذلك نتيجة للعيوب التي افرزتها ممارسات آليات التنفيذ لاعتمادها على منهج الاحتكار والاقصاء والهيمنة وفرض الوصاية على الآخرين بغير اي مسوغ يمثل لها سنداً شرعياً كما كان الحال في الوثيقة الدستورية، ثم جاءت عمليات اختراق بعض الناشطين المكون العسكري، مما باعد خطوطهم تماماً، وبدأوا يضربون طبول الحرب ويستصرخون انصارهم من كل حدب وصوب، وفي خضم هذا ينبغي على العقلاء من اهل السودان واخياره ان يستنهضوا الهمم ويعملوا من اجل رتق النسيج السياسي والبناء العسكري الذي كان صمام امان واساس وحدة الجبهة الداخلية حتى يتحقق للجميع وجود وطن يمكن ان يتنافسوا في كيفية ادارته.
* كان هناك لقاء مفاجئ جمع حزب الامة أمس الاول مع قيادات الكتلة الديمقراطية، وحضرته انت برفقة رئيس الحزب فضل الله برمة ناصر ونائبته د. مريم الصادق المهدي.. ما هي تفاصيل هذا اللقاء؟
ــ اللقاء لم يكن لقاءً جمعنا بالكتلة، وانما اجتماع وطني خالص بناءً على مبادرة وارتكازاً على نداء الحبيب مبارك الفاضل لكافة الوطنيين السودانيين للعمل وازالة مخاطر الصراع العسكري، وتطور هذا اللقاء من خمسة اشخاص لمجموعة من القيادات الوطنية السودانية بدعوة من حاكم اقليم دارفور مني اركو مناوي، فجاءت هذه القوى السياسية، وترأس الاجتماع فضل الله برمة ناصر، وصدر النداء الذي خرج في شكل بيان للشعب السوداني، وسيعقبه تواصل مع كل مكونات المؤسسة العسكرية لتأكيد وقوف اهل السودان لنزع فتيل الازمة تعزيزاً للاستقرار وتأكيداً للتلاحم بين الشعب ومؤسسته العسكرية.
* وما هي الخطوات المرتقبة من اللقاء الذي جمعكم بقيادات الكتلة الديمقراطية؟
ـــ ستتواصل اللقاءات من اجل تشييد الاستقرار الذي اهتزت اركانه بسبب هذه الازمة التي علم بها القاصي والداني.
* البعض ذهب الى ان هذا اللقاء قد يكون نواةً لجمع الصف الوطني بين المجلس المركزي الذي يتزعمه حزب الامة والكتلة الديمقراطية؟
ـــ المجلس المركزي لا يتزعمه حزب الامة كما يدعي بعض الناس، والامة مجرد عضو في تحالف قوى الحرية والتغيير، ويتحرك من منطلق مسؤوليته الوطنية من اجل الحفاظ على وحدة الوطن وسلامته، وهذا واجب لا مجال للتراجع عنه على الاطلاق.
* هنالك اتهامات بأن مجموعة المجلس المركزي تريد اختطاف العملية السياسية وترفض اضافة فاعلين جدد الا وفق معايير وضعوها.. ما تعليقك على هذا الامر؟
ـــ هذا ادعاء باطل، وليست هنالك اية قوى في هذه المرحلة الانتقالية يمكن ان تميز بين مكونات المسرح السياسي ارتكازاً على الهيمنة او العزل والاقصاء، فيما عدا عزل الوطني الذي توافقت عليه كل القوى السياسية.
* ماذا تقصد بالناشطين الذين ذكرت انهم اخترقوا المكون العسكري؟
ــ باذكاء نار الفتنة باطروحات سياسية فطيرة خالية من العمق الامني والاستراتيجي الذي يتطلبه بناء المشروع الوطني التوافقي المتراضى عليه، والناشطون هم الذين يعلمهم كل اهل السودان.
* مجلس السيادة اصدر أمس الاول بيان البرهان وحميدتي، فقد التقوا وشكلوا لجنة امنية مشتركة.. هل هذا يعني نزع فتيل الفتنة ومحاولة لانهاء الخلاف بين الرجلين؟
ــ اي تقارب بين رأسي المكون العسكري الآن مؤشر ايجابي ويحتاج الى اسناد من مكونات المؤسسة العسكرية بكل تشكيلاتها، بالاضافة الى جهود عقلاء الامة لتحقيق الوفاق العسكري المطلوب الذي يقوم ويبنى على الاعتراف المتبادل والاحترام المتبادل والرغبة في التعاون المنتج والعمل من اجله.
* ما مصير الاتفاق الاطاري على ضوء المتغيرات التي صاحبت المشهد أخيراً؟
ــ روح الاتفاق الاطاري وموضوعاته لا غبار عليها، ويمكن ان تكون اساساً للتوافق الوطني المطلوب متى ما اعيد النظر في الآليات والمنهج المتبع لانزاله الى الواقع السياسي السوداني.
* هل تتوقع ان يفضي الاتفاق الاطاري لحل للازمة في ظل تمترس كل الاطراف خلف مواقفها، حيث ان المجموعة الموقعة على العملية السياسية ترفض فتح الاتفاق وتؤكد فقط اصطحابهم جبريل ومناوي وجعفر دون بقية الكتلة الديمقراطية، فيما يتشدد رفقاء مناوي وجبريل في ان يدخلوا الاتفاق ككتلة؟
ــ اعتقد ان الازمة الحقيقية هي ازمة ذات ابعاد نفسية في المقام الاول، وكما قلت فإن المنهج الاقصائي والهيمنة وفرض الوصاية على الآخرين امر مرفوض، وعلى الجميع ان ينتقلوا من مربع الاحتكار والممانعة لمربع التوافق الوطني المطلوب، اذ ان الجهد البشري معروف بالنقصان، ولا يستكمل مجاله الا باصطحاب الجهود الاخرى.
* هنالك انباء عن ازمة داخلية مكتومة داخل حزب الامة القومي.. ما مدى صحة ذلك؟
ــ هي ليست ازمة مكتومة وانما ازمة تنظيمية نتيجة لتباعد الخطوط بين الآراء المطروحة حول ادارة الشأن السياسي والتنظيمي، وهنالك آليات تعيد وترتب الامور وترجعها لنصابها، طالما ارتضى الجميع الاحتكام اليها وهذا هو الحل الآن.
* هنالك اتهامات للواثق البرير الامين العام باحتكار القرار داخل الحزب؟
ــ انا اعتقد انه ليست هنالك امكانية لاحد بأن يحتكر القرار داخل الحزب، اذ ان القرار يصدر من المؤسسات التي قد تخطئ او تصيب، والاستثمار في اخطاء المؤسسات لا يمكن ان يبرر لاحد بأن يعمل منفرداً داخل حزب الامة مهما كانت قدراته او موقعه التنظيمي، وآليات المحاسبة والمراجعة للجميع متاحة وفاعلة وقادرة على تحجيم دور كل من يتمدد خارج الاطار التنظيمي الذي ينتمي اليه، وكذلك قادرة على معالجة قصور واخطاء المؤسسات، وهذا ما قام به رئيس الحزب بمثل هذه الاجراءات التي تعيد الامور لنصابها.
* متى سينعقد المؤتمر العام للحزب؟
ــ انا حسب ما اعتقد وارى انه سينعقد بعد انعقاد الهيئة المركزية بمدى لا يقل عن اشهر ولا يتجاوز ستة اشهر.
* هل تم تشكيل الهيئة المركزية؟
ــ هي مؤسسة من مؤسسات الحزب، وتم تشكيلها منذ عام 2009م، وعقدت اربعة اجتماعات منذ بنائها تنيظمياً، واحدثت المعالجات المطلوبة، وستعمل على مواصلة مهامها لحين انعقاد المؤتمر العام كما اشرت اليك.
* هل بالامكان ان ينعقد المؤتمر العام خلال ما تبقى من العام الجاري؟
ــ باذن الله.
* رئيس المكتب السياسي لحزب الامة محمد المهدي ذكر في مقابلة مع (الانتباهة) ان هنالك تيارين داخل الحزب، واحد يرى ضرورة الانسحاب من العملية السياسية بشكلها الحالي وآخر يريد المواصلة فيها؟
ـــ هذا حديث يُسأل عنه من قاله ويجب ان يوضح للصحيفة، ولكن ما هو ثابت ان الناس يعملون على تصحيح العمل السياسي برمته في السودان حتى يحقق الاهداف المطلوبة من هذه المناشط التي نساهم فيها.
* هل سيستمر حزب الامة في الاتفاق الاطاري بشكله الحالي؟
ــ انا شخصياً اعتقد ان الاتفاق بشكله الحالي لن يحقق اهدافه اذا لم تراجع آلياته ومنهج تفعيله ليحقق التوافق المطلوب.
* وما هو المطلوب؟
ــ التوافق المطلوب لبناء الكتلة الحرجة التي بالامكان ان تتحمل المسؤولية الوطنية.
* هل بالامكان ان يتجه رئيس مجلس السيادة لاعلان حكومة تصريف مهام، حال فشلت مساعي جمع كتلتي الحرية والتغيير (الديمقراطية والمركزي) في العملية السياسية؟
ــ المطلوب من القوى السياسية جميعاً ان تحقق التوافق الذي يقنع الجميع بانها على درجة من القدرة على تحمل المسؤولية الوطنية بواقعية وحكمة وعقلانية، والآن لدى البرهان حكومة تصريف مهام منذ 25 اكتوبر، فهنالك وزراء مكلفون، لكن نريد ان يكون هنالك جهاز تنفيذي كامل الدسم.
* هل تتوقع ان يترشح عبد الرحمن الصادق المهدي رئيساً للحزب في المؤتمر العام؟
ــ حينما يأتي المؤتمر العام ويكون الامير عبد الرحمن مستوفياً لعضوية المؤتمر من حقه أن يترشح.
* هنالك اتهامات بأنك برفقة الامير عبد الرحمن تشكلان جبهة داخلية في حزب الامة؟
ـــ هو ليس تشكيل جبهة وانما هو تلاقي إرادات وتلاقح افكار، نتيجة لعمل واداء مهام مشتركة في المجال الدعوي والسياسي برعاية الرئيس الراحل، ولذلك التوافق بيننا ليس بدعة ولن يكون كذلك.
* اين وقفت مساعي توحيد شتات حزب الامة وفصائله؟
ــ هنالك لجنة يترأسها رئيس الحزب وتضم رئيس المكتب السياسي والامانة العامة، وتعمل اللجنة باجتهاد كبير جداً لانفاذ مشروع لم الشمل بالتواصل مع كافة ابناء رحم الامة للعودة لحضنه.
* هل مبادرة لم الشمل تشمل مبارك الفاضل؟
ــ هي مبادرة لكل من يعترف بشرعية المؤسسات ويحترم المؤسسات القائمة والدستور الذي ينظم العلاقات بين المؤسسات والعضوية بصفة عامة، والذي يكون لديه استعداد لأن يلتحق مع اخوانه واحبابه دون شرط او قيد، فإن مؤسسات الحزب والقائمين عليها تقدر كل جهده وعطائه متى ما كان ذلك هو الاساس للعودة لحزب الامة.
* ما هو مصير التحالفات الاخرى التي لم تشملها العملية السياسية على غرار نداء اهل السودان وتحالف الحل الجذري؟
ـــ كل التحالفات القائمة الآن تكتيكية، ولكن حينما يأتي وقت التحالفات الاستراتيجية سيجد كل منهم المجموعة التي ينتمي اليها بناءً على اهدافهم وقناعاتهم الاستراتيجية.
* حال مضى الاتفاق الاطاري وافضى لتشكيل حكومة مدنية فإنها ستجد معارضة تجمع لاول مرة اليسار متمثلاً في الحزب الشيوعي وكذلك حزب البعث العربي الاشتراكي والتيارات الاسلامية؟
ـــ المعارضة امر ايجابي ومرحب بها في العمل السياسي، متى ما كانت في اطار الضوابط التنظيمية التي تؤسس لممارسة العمل السياسي.
* ما هي السيناريوهات المرتقبة حال فشلت مساعي التوافق الوطني بين الفرقاء؟
ـــ سيتم التراجع والتدهور السياسي الذي سينتهي بنا الى ما لا يحمد عقباه، ونسأل الله سبحانه وتعالى ان يحفظ البلاد والعباد، وان يهدينا الى سبل الرشاد