صلاح الدين مركز يكتب:..العودة إلى الوطن… دفء لا يُضاهى ومسؤوليات جسيمة ..
من المناظر المفرحة التي تبعث الأمل في النفوس، مشهد عودة السودانيين إلى ديارهم، بعد أن فرّقتهم الحرب، وشرّدتهم الظروف. عودة تحمل في طياتها الحنين، والألم، والشوق، لكنها أيضًا عودة مليئة بالتحديات، تستدعي وقفة جادة من الدولة والمجتمع على حد سواء.
ليس سهلاً أن يعود الإنسان إلى وطنه خالي الوفاض، بعد أن فقد كل ما يملك من مدخرات، ومأوى، واستقرار. كثير من العائدين اليوم يعودون وهم يحملون في قلوبهم الخوف على أبنائهم من مستقبل غامض، وعلى أنفسهم من حياة بلا أفق. ولهذا، فإن مشهد الفرح لا يكتمل إلا إذا اقترن بخطوات عملية وجادة من الحكومة لمعالجة الآثار المترتبة على الحرب.
على الحكومة أن تتعامل مع ملف العائدين بجدية وشفافية، عبر وضع خطة شاملة تعالج المشكلات التي تواجههم فور وصولهم، لا سيما في القطاعات الأساسية. يجب توفير الخدمات التعليمية والصحية برسوم رمزية، أو مجانية إن أمكن، نظراً لأن هؤلاء المواطنين قد فقدوا كل سبل العيش. لا يمكن الحديث عن الاستقرار دون تعليمٍ يفتح الأفق للأبناء، وصحة تحفظ كرامة الإنسان.
إلى جانب ذلك، لا بد من إطلاق مشاريع إنتاجية تستهدف تشغيل الشباب، وتمكينهم من المساهمة في إعادة بناء الوطن، وإحياء عجلة الإنتاج. هؤلاء الشباب هم وقود المستقبل، وأمل الحاضر، ولن تنهض البلاد ما لم توفَّر لهم فرص تليق بطموحاتهم، وتُخرجهم من دوائر الفقر والتهميش.
إن الوطن لا يُبنى بالشعارات، بل بالعمل الصادق والرؤية الواضحة.
وعودة أبنائه فرصة ذهبية لإعادة اللحمة الوطنية، وتحقيق السلام الاجتماعي، شرط أن يشعروا بأنهم عادوا إلى وطنٍ يحتضنهم بحق، لا إلى واقع أكثر قسوة من الغربة التي فرّوا منها.