يوم أمس قضيت ثلاث ساعات نهارية كانت من أسوأ اللحظات التي مررت بها خلال عملي في الصحافة .
لسبب ما..قررت زيارة صحيفة )الانتباهة( وهي ليست عادتي.. جلست بعض الوقت مع الأستاذ المهذب الرصين أحمد التاي رئيس التحرير و محمد إبرهيم مسؤول المطبعة وبعض الإداريين على رأسهم الأمين محمد سعيد.
حين هممت بالخروج وجدت مجموعةً من الشباب يجلسون على كراسي بجانب سيارتي ، في اللحظة التي كنت أنوي فيها قيادة السيارة وقف أحدهم و ألقى عليّ التحية .
مددت يدي لمصافحته فأكتشفت أن يده اليمنى مبتورة من المعصم لا أصابع البتة و إنما مجموعة لحم تكوم يميناً و آخر شمالاً ، مددت يدي وصافحت الصبي الآخر الذي يجلس على كرسي متحرك فأكتشفت أنه يعاني من شلل نصفي..الصبي الثالث يعاني أيضاً من شلل نصفي و يحمل بجانبه في الكرسي المتحرك كيساً موصل بقسطرة للبول ، ونحن جالسون جاء رابع يسير بصعوبة بعد أن فقد عينه اليمنى تماماً و عينه الشمال ترى بصعوبة .
هل تعلم عزيزي القاريء من هؤلاء الشباب ..؟ هل تعلم ما وراءهم من قصص …؟ هؤلاء مصابي ثورة ديسمبر و فض الإعتصام …!!
الصبي مدثر موسى (17) عاماً طلقة في النخاع الشوكي أيام المواكب أصابته بشلل نصفي ، يعاني من قرحة سريرية حيث أن أسفل ظهره متقرح بالكامل بسبب الاستلقاء و الجلوس لساعات طويلة .
صالح حسين (24) سنة طلقة في الظهر نتيجة فض الإعتصام أدت إلى كسر السلسلة الفقرية و كما اسماها صالح إحتراق النخاع الشوكي و شلل نصفي…
ساسا (27) عاماً بترت يده إبان المواكب حين كان يقوم بإرجاع البمبان و صادف إحداها كانت قنبلة..
صدام (25) سنة تعرض لضرب و تعذيب من قبل عدد أثني عشر من منسوبي الدعم السريع إبان فض الإعتصام كما قال لي أدت لفقدانه عينه و توقف كليتيه كلياً .
أصدقك عزيزي القاريء حين جلست إلى هؤلاء الشباب و أستمعت إلى رواياتهم وأوجاعهم ، شعرت بالكثير من الغبن و الوجع و الألم ، و بذلت مجهوداً كبيراً للسيطرة على إنفعالاتي أمامهم .
هل تعلم عزيزي القاريء أن هنالك الكثير من الأجسام التي صارت تتاجر بقصص هؤلاء الثوار ، سنكشف ملفاتهم و نعريهم الواحد تلو الآخر .
الوزير خالد سلك …هنالك طلب أمام مكتبك تجاوز الثلاثة أسابيع..يطلب فيه هؤلاء الثوار مقابلتك..!!! يواجهون ما يواجهون من بيروقراطية و جرجرة و مماطلة مكتبك ،هل ما بيدك أهم من قضايا هؤلاء الثوار الذين لولا ما قدموه لما كنت أنت أو حمدوك في كرسييكما .
خارج السور:
الشاب ساسا خضع لعملية قاموا فيها باستلاف أصبع من قدمه اليسرى لتركيبه ليده اليمنى …!!! لاشيء يقال غير تباً لكم جميعاً من سياسيين غشاشين.