الاحتجاجات الشعبية ضد تردي الأوضاع الاقتصادية.. هل تسقط الحكومة الانتقالية؟

1

الخرطوم ـ إسفير نيوز
تشهد البلاد، هذه الأيام، احتجاجات متفرقة في عدة ولايات وتركزت بصورة أكبر على العاصمة الخرطوم مُنددة بتردي الأوضاع الاقتصادية، وفي مدينة أم درمان بأحياء ومناطق الصالحة والفتيحاب والمهندسين وشارع الأربعين والموردة وأم بدة في أم درمان.

كما شهدت مناطق شارع المعونة وشمبات والأراضي جنوب والمؤسسة والديوم بحري وشارع المزاد بالخرطوم بحري، احتجاجات مماثلة وإغلاقاً للطرق.

في مدينة الخرطوم خرج المحتجون بأحياء بمناطق الصحافة وبري وجوار السوق الشعبي والكلاكلات

وأشعلوا الإطارات بعد أن أغلقوا الطرق الرئيسة والفرعية بـ(المتاريس).. ورددوا شعارات منددة بالغلاء والضائقة المعيشية وندرة الخدمات.

وفي الولايات اندلعت التظاهرات بالفاشر حيث أُصيبت طفلة،

فيما أغلق محتجون حركة البصات السفرية والشاحنات على الطريق القومي الرابط بين بورتسودان والخرطوم،

كما اندلعت تظاهرات في كل من القضارف وربك والشمالية ونهر النيل،

وردد البعض هتافات تطالب برحيل رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.

دعم الإسلاميين

وجد أنصار النظام المعزول ضالتهم في الاحتجاجات التي أتت إليهم على طبق من ذهب،

حيث وجدت دعمًا كبيرًا من قبل الإسلاميين لاسيما عبر الأسافير،

حيث عمد كثيرون على نشر الاحتجاجات على أوسع نطاق، من أجل إسقاط الحكومة الانتقالية،

وخرج العديد من الإسلاميين في التظاهرات ملوحين بعلامة السقوط..

الأمر الذي دفع أنصار حكومة الثورة لأن يهتفون (الجوع ولا الكيزان)،

والقول إن الاحتجاجات من أجل الضغط للإسراع في تشكيل الحكومة وحلحلة الأزمات الاقتصادية،

وليس بصدد إسقاطها، لجهة أن الأمل مازال يحدوهم في تغيير الواقع الحالي إلى أفضل.

وهنا أعلنت لجان مقاومة الجريف غرب، عن تصعيد مفتوح،

وقالت: (سترون أن لا هناك غير الثوار الأحرار في شوارع الثورة المجيدة،

وسيرون أننا لا نيأس حتى نرى أننا حققنا هدفنا الذي مات من أجله الشهيد..

أتينا لكي نُبيد عسكر الكيزان وكل من له يد في إحباط الثورة المجيدة).

وأكدت لجان مقاومة الجريف غرب أنه ليس لديها غير (اللساتك والبنزين)،

ومضى البيان: (المجد لكل شرفاء التروس الصامدة، الذين يقبضون على جمر القضية وعلى دم الشهداء والمصابين والمفقودين).

لن تسقط

الشاهد أن الاحتجاجات في بدايات الثورة قوبلت بالتقليل والتبخيس من قبل قيادات النظام البائد،

وفي الذاكرة العديد من التصريحات الساخرة من الثورة، وفي العهد الحالي.

نجد أن الرجل الموصوف بعراب الحكومة القيادي المقرب من رئيس الوزراء،

الشفيع خضر، يذهب في ذات النهج، ويقلل من تأثير الاحتجاجات على إسقاط الحكومة،

مشيراً إلى أن سقوط الحكومة في الوقت الراهن سابق لأونه.

وأردف: ” سقوط الحكومة مطالب لفلول النظام السابق وليس الثوار”، وتابع: ”مظاهرة واحدة أو اثنتين لا يمكن أن تسقط الحكومة،

فالنظام السابق سقط بعد احتجاجات متكررة وبعد سنين عديدة “.
وقال خضر: “إن الاحتجاجات التي تندد بغلاء المعيشة تُعد حقا مشروعا ما دامت ملتزمة بالسلمية”،

مشددا على ضرورة أن تستجيب الحكومة لمطالبها.
انشغال الحاضنة

التحالف الحاكم قوى إعلان الحرية والتغيير من ناحيتها لم تكن آبهة بالتظاهرات التي بدأت رقعتها تتسع يوماً بعد يوم،

بيد أنها منهمكة في اجتماعات مكثفة للتشكيل الوزاري والسيادي والمجلس التشريعي،

إلى جانب الخلافات الأخرى، مثل أزمة المناهج وتوتر الحدود مع إثيوبيا،

علاوة على الزيارات الرفيعة لمسؤولين أمريكيين وإسرائيليين، ما جعلهم بعيدين عن الأحداث التي يشهدها الشارع،

من احتجاجات ربما تطال وضعيتهم كحاضنة لحكومة الفترة الانتقالية.

الدقير ينصح

وليس بعيداً عن ذلك، كان رئيس حزب المؤتمر السوداني، عمر الدقير، منتبهاً لما يدور في الساحة،

فقد نصح الحكومة الانتقالية بمواجهة الأزمات الاقتصادية بالخروج لمخاطبة السودانيين وعدم تجاهل الاحتجاجات المتنامية في الشارع،

وقال الدقير إن الاحتجاجات تأتي على خلفية تفاقم المعاناة الاقتصادية والتدهور الأمني ومجمل الأداء خلال الفترة السابقة،

مؤكداً أنها حق مشروع ومن واجب الحكومة أن تقابلها بالاعتبار اللازم وليس بالتجاهل أو الآذان الصمّاء،

وتابع في تصريح بثه الحزب: “صار من المعتاد أن يصحو الناس في أي صباح ويجدوا منشوراً مبثوثاً.

في وسائل التواصل الاجتماعي يحمل زيادة جديدة في أسعار سلع أساسية مثل الوقود والكهرباء والخبز والدواء”.

الاستعصام بالصمت
وأشار رئيس المؤتمر السوداني إلى أن هذه الزيادات تقر بدون توضيح لخطة تم في سياقها تطبيق الزيادة،

أو توضيح لأسباب ندرة هذه السلع رغم زيادة أسعارها أو تقديم تفسير لانخفاض قيمة الجنيه السوداني.

بمعدل يومي متسارع يُربِك القطاعات الاقتصادية وينعكس فوراً في ارتفاع أسعار كثير من السلع والخدمات،

وانتقد الدقير تراخي الأجهزة الأمنية في بسط الأمن وحماية المواطنين ما أدى لفقدان العديد من الأرواح في نزاعات مجتمعية.

لم يقابلها تدخل سريع، إلى جانب وجود تفلتات تزعزع الأمن العام وتهدد السلامة الشخصية للمواطنين في المدن،

وقال: “لا أحد ينكر أن الحكومة الانتقالية ورثت أزمة وطنية شاملة، ومن معالمها البارزة الواقع الاقتصادي المتردي

وأنها تعمل في ظروف صعبة نتيجةً للتخريب الذي طال مؤسسات الدولة المدنية والأمنية والتي ما تزال تنتظر الإصلاح .كمهمة ملحة لا بد من إنجازها”.

ونصح الدقير الحكومة بمواجهة التحديات والأزمات وتمليك الشعب الحقائق وتوسيع دائرة التشاور بشأن سياسات الإصلاح الاقتصادية.

وأضاف: “المطلوب من الحكومة أن تفارق حالة الاستعصام بالصمت.

وتتحدث إلى شعبها وتستعصم به عبر خطاب الحقيقة والمصارحة المسنود بخطط وبرامج واضحة وفعالة.

تُلْهِم الأمل وتحشد الإرادة العامة لمواجهة التحديات ومعالجة الأزمات.

ضغط الشارع
ولم يمر قليل وقت على حديث الدقير، حتى استجابت الحكومة لضغط الشارع،

حيث عقدت اجتماعاً استمر لأربع ساعات بمقر وزارة الطاقة والتعدين بمشاركة كل من وزير شؤون مجلس الوزراء، لبحث الحلول للأزمات الاقتصادية.

اترك رد