كيلا ننسى..
فقد تذكروا اليوم من – وما – كانوا نسوه بالأمس ؛ الأمس القريب..
نسوا الثورة…والثوار…والشهداء..
أنستهم كل ذلكم سكرة السلطة…وشهوة امتيازاتها…وشبق فارهاتها..
ولكنهم تذكروا اليوم ؛ تذكروا على حين صدمة..
وأشرت إلى ذلك في خاطرة – البارحة – تحت عنوان (عودة الوعي)..
وكتبت فيها أسفيرياً أقول :
رب ضارة نافعة..
لقد تذكروا – على حين صدمة – الثورة…والثوار…ودماء الشهداء..
وتذكروا الشعب البائس ؛ وواقعه البئيس..
إلى درجة أن مدني عباس ظهر بشقيق قميصه التي تمزق في ميدان الاعتصام..
والفكي نفض الغبار عما كان يرتديه قبل الإنفينيتي..
فهل هي عودة نهائية؟…هل راحت السكرة؟…وهل جاءت العبرة؟..
أم هو محض تمثيل؟……كتمثيلية حافلة القسم؟..
فإن كان تمثيلاً فنصيحتي لهم أن يواصلوا العرض قليلاً ؛ ولا يُسدلوا الستار..
وأن يحافظ مدني على توأم قميصه..
والفكي على (لبس 5)..
ذلك ما كتبته ؛ ولكن يبدو أن الستار سيُسدل بأعجل مما كنت أتوقع..
فقد رشح حديث عن اتفاق بين البرهان وحمدوك..
وخلاصته أن يتم تغيير الوزراء – والسياديين – بكفاءات غير حزبية..
فإن صدق هذا فإنه ما ظللنا ننادي به زمناً..
أن يُصحح المسار من رحم الثورة ؛ فهو رحمٌ ولود..
وحواء ثورة ديسمبر والدة ؛ وولادة..
فقد فشلوا…وانفصموا…وتبلدوا…وتحجروا…وغاب وعيهم عن كل شيء..
وبالأمس عاد الوعي هذا جراء الصدمة..
تماماً كما تُعيد القهوة السادة – الصادمة – وعياً غاب بفعل السكر..
هذا ما ظللنا ننادي به فاتهمونا (بالكوزنة)..
وليس أغبى ممن يتهموننا هؤلاء سوى أسيادهم الذين فشلوا في إدارة الدولة..
فقد فشلوا حتى في جس نبض الشعب تجاههم..
وذلك بعد أن ذاق الشعب هذا الأمرين – والويلات – على أيديهم..
فهم أفشل من جلس على كراسي حكمٍ في بلادنا..
وكما قلت كثيراً لم يحافظوا حتى على الفشل الذي ورثوه من نظام البشير..
ثم ألهبوا ظهور – وجيوب – الناس بسياط رفع الدعم..
وبينما يصرخ – ألماً – الناس هؤلاء يضحكون هم عبر الشاشات..
ويثرثرون – ترفاً – من على المنابر..
يثرثرون في كل شيء ؛ عدا مطلوبات التحول الديمقراطي..
والتي نصت عليها الوثيقة الدستورية..
ومن أهمها البرلمان…والمفوضيات…و المحكمة دستورية..
يثرثرون في توافه الأمور كافة ؛ ولكن لا يذكرون المطلوبات هذه أبداً..
أو لا يتذكرونها ؛ أو لا يريدونها..
ثم يذهب كل منهم إلى أهله يتمطى ؛ ويمتطي ظهر فارهته الفخيمة..
ولكنهم تذكروا الثورة – فجأة – في الأيام الماضية..
ورفعوا شعارات لها كانوا قد نسوها..
وصور شهداء نسوهم أيضاً ؛ نسوهم تماماً..
بالضبط كما كان أهل الإنقاذ يتاجرون بشعارات الدين ؛ وصور شهدائهم..
وحين ننتقد ذلك يقولون لنا أنتم (كيزان)..
وبعضهم يصفنا بلاعقي (البوت) ؛ وآخرون يتهموننا بمناصبة الثورة العداء..
وهؤلاء هم (مستجدو القراية) ؛ كما ذكرت أمس..
الذين ما كانوا يقرأون ما ظللنا نكتبه عن سوءات الشمولية لثلاثين عاماً..
ومنها – بالطبع – شمولية الإنقاذ البغيضة..
ثم أضفت : لست مستعداً لفتح فصل محو أمية لهؤلاء ليتعلموا على كبر..
ليتعلموا كيف ينطقون بالحق مجرداً ؛ لارغباً…ولا رهبا..
ولكن – وبحمد الله – ما كنا نتمناه قد حدث الآن..
أو على وشك أن يحدث ؛ وهو استبدال (الكفوات) بكفاءات غير متحزبة..
وذلك إن صدق ما رشح عن اجتماع البرهان وحمدوك..
اجتماعهما أمس ؛ لاحتواء أزمة ما بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة..
فهي خطوة سنرفع لها القبعات ؛ والتمام..
ونقول : تمام كده !