عميد م/ ابراهيم مادبويكتب.. تشريح العصا والجزرة، مابين زيارة موسكو والتصريح الأمريكي. (Carrot and Stick)
شئنا أم أبينا فزيارة السيد النائب الأول لمجلس السيادة الإنتقالي قد أثمرت وآتَتْ أُكُلَهَا، فهاهي المسؤولة الأمريكية السابقة بالبيت الأبيض والحالية بمجموعة الأزمات الدولية سارة هارسون تصرح بعد يوم واحد من زيارة حميدتي إلى موسكو، بأن الولايات المتحدة الأمريكية تنوي الإستمرار في تقديم الدعم الاقتصادي للسودان بإعتبار أن ما حدث يوم 25 أكتوبر الماضي لا يُعد إنقلاباً على سلطة منتخبة بمعايير الانقلاب العسكري بحسب المادة 7008 من القانون الأمريكي لتقييد الانقلاب.
نشير إلى سياسة تقديم مزيج من المكافآت والدعم والعقاب للحث على سلوك معين، هي سياسة تمارسها أميركا وتستخدمها في تعاملاتها مع الدول الأخرى وفق أساليب وتكتيكات وطرق مختلفة تتأرجح بين الترغيب والترهيب وبين التهديد والوعيد ، وهي ما تعرف بسياسة العصا والجزرة، فعندما تلوّح أمريكا لدولة ما بالويل والثبور والتهديد فهذا يعني أن الدولة ستتعرض لكل ما من شأنه تعريضها للأزمات والتحريض ضدها وتأليب الدول الأخرى عليها، وقد يتم فرض الحصار الاقتصادي والعسكري عليها، أو توقف المساعدات المالية والعسكرية عنها إذا كانت من ضمن الدول التي تقدم لها أميركا مثل تلك المساعدات، وغيرها من عقوبات وممارسات عدوانية كالضربات العسكرية الاستباقيـة وشن الحروب عليها.
وبالمقابل فعندما يتم التلويح بالجزرة فهذا يعني أن أميركا ستقوم باغداق سيل المساعدات المادية والعسكرية وغيرها من المساعدات المعنوية والعينية، وهكذا تنهال الجزرات الأميركية على الدول التي ترضخ لأوامرها وتنفذ سياساتها ورغباتها، وتسبح في اتجاه التيار الأميركي، وتسبّح بحمدها وتجري في فلكها، وتكون خاتما في إصبعها وبمثابة الخادم المطيـع لها.
تجدر الأشارة إلى أن الاتحاد الأوروبي قد أعلن في وقت سابق من العام 2021م وعلى لسان وزير خارجية الاتحاد جوزيب بوريل أن من خيارات الإتحاد مبدأ اتّباع سياسة العصا والجزرة.
يجب أن يفكر العقل السياسي السوداني الذي يدير الدولة في كيفية التعامل مع الدول الأخرى في إطار العلاقات الدولية بما يحقق مصالح الدولة السودانية بعيداً عن الإستقطاب والتجاذب العالمي وأن تقوم خلية تفكير الدولة بطرح إجابات علمية عن أيّ طريقة أفضَل لتحقيق المصلحة الوطنية بعيداً مأذق الجَزَرة والعَصا؟ وهل يُمكن للمحفِّزات الخارجية أنْ تؤَثِّر بطريقةٍ أو بأخرى على أسلوب سياستنا وعلى قراراتِنا؟ وهلْ تكون ثِقَتنا بأنفْسِنا أكْبَر إذا كنا نطمح نحو المكافأَة؟ أمْ أنّ خياراتنا تَكون أكثَر مرونَة إذا كنَّا نحاوِل تفَادي العِقاب؟. وبلاشك ستفيد الإجابات في تقييم فعَالية سياساتنا الخارجية ونهجها في التعامل مع دولتي الولايات المتحدة وروسيا، وسيفيد هذا التقييم أكثر في تعزيز وإتفاق متخذي القرار السياسي حول الرؤية الخارجية بحسب مصالحنا، وهذا سينعكس إيجاباً على الجهاز السياسي والتنفيذي مبنياً على ثقتِه في نفسه، وفي قراراتِه، وفي سياسته الخارجية المتوازنة.