صلاح الدين عووضه يكتب.. كن أنت !!

0

 

ولا أحد سواك..
فلكلٍّ منا بصمة أصبع خاصة به..
وكذلك بصمة صوت…وخط…وضحكة…وطباع…وشخصية..
فكن أنت كما أنت ؛ ولا تحاول أن تكون غير أنت..
وكثير من أنصار الترابي – بالسودان – سعوا إلى تقليده في كل شيء..
في كل شيء ؛ حتى ما كان مظهرياً..
ومن هذا التقليد ميلان الرأس قليلاً نحواليمين عند الحديث..
ثم بسط اليدين…وتحريكهما…مع تكلف الابتسام..
ولو أن الرأس هذا (تدلدل) بجوار كتف المقلد فلن يكون حسن الترابي أبداً..
فليس في هذه الدنيا سوى ترابي واحد ؛ وكذلك أنت..
فكن أنت لا غيرك ؛ مهما أعجبك الذي هو غيرك هذا..
واعتز بهذه (الأنا) في مواجهة أي (آخر)..
وفي حزب الأمة أيضاً لاحظت محاولة العديد من (الأحباب) تقليد الصادق المهدي..
في كلامه…في سلامه…في ضحكته…وحتى في مشيته..
ثم لا أحد منهم – بالغلط – صار مشابهاً له ؛ مهما أحسن التقليد..
ولا يعني هذا أنه أحسن منهم ؛ ولكن لكلٍّ منا بصمته..
وفي مجال الغناء – ببلادنا – مقلدون كثرٌ لكبار المطربين ؛ وحتى لصغارهم..
وإلى أن يترك أحدهم الغناء – أو يتركه – يبقى مقلداً..
ومن غرائب هذا التقليد أنه قد يبلغ حد المحاكاة حتى في الحركات نفسها..
وكذلك هنالك مقلدون في دنيا الأدب ؛ بضروبه كافة..
وأسوأ أنواع هذا التقليد الأدبي هو الذي يتجاوز حدود المحلية إلى العالمية..
ثم يكون أعمى ؛ تتلاشى فيه تماماً بصمة المقلد..
و شابٌ كان قد أعطاني مرةً مسودة باكورة انتاجه الروائي لإبداء رأيي فيها..
فأرجعتها بعد فصل واحد وقلت له : كن أنت…لا تلستوي..
وكان (هو) في الرواية الثانية ؛ وكانت (هي) بنكهة سودانية خالصة..
أما في مجال الإعلام الآن فالتقليد بات ظاهرةً لا تُحتمل..
سواء المرئي منها…أو المسموع…أو المقروء ؛ وتحديداً تقليد اللبنانيين..
صحيح أنهم غزوا وسائط العرب الإعلامية…وتمددوا فيها..
ولكن ما من شعبٍ عربي تأثر بهم – إعلامياً – إلى حد التقليد (الأشتر) سوانا..
وهذا لا ينم إلا عن شعور بعقدة نقص ؛ وقابلية للاستلاب..
فنحن تتبعنا سنن مدرستهم الإعلامية حذو القُذة بالقُذة..
حتى إذا دخلوا جحر (هكذا) خرب دخلناه وراءهم مرددين بدعة (هكذا أمر)..
علماً بأن مدرستهم هذه تقلق سيبويه في قبره..
ثم عطَّشنا الجيم مثلهم…وأبدلنا مفردة رئيسي برئيس ؛ ولم يبق إلا القليل..
ومن هذا القليل (أعتذر منك) ؛ و(بدِّي أتشكَّرك)..
ولا أدري لماذا ترك مقلدوهم منا عبارتيهم هاتين…ولم تجر بهما ألسنتهم..
فإن فعلوا لاستحقوا أن نقول لكلٍّ منهم (إنت مو إنت)..
وإلى ذلك الحين – وأتمنى ألا يأتي – نكتفي بنصيحة (كن أنت ؛ مو غيرك)..
فالذي يتخلى عن بصمته الخاصة يصير مسخاً شائهاً..
ومسخاً رائعاً إن أجاد التقليد..
ولكن في كل الأحوال يبقى مجرد مسخ..
و(مو) هو !!

اترك رد