فضل الله رابح يكتب.. الإسلاميون ..حوارات وإنتقالات الراهن .. فرص العبور وتجاوز الشكوك ( 2)
أهم مدخل لنقاش هذا المقال من سلسلة حوارات وإنتقالات الراهن وفرص الإسلاميين هو تلك الزيارة الشهيرة لرئيس وزراء تركيا الحالي رجب طيب اردوغان الي الخرطوم وذلك قبل أن يكون عمدة اسطنبول ولقائه الشهير بمجموعة من شباب الإسلاميين بمبني عمارة الفيحاء وأذكر حينها سأله أحد الشباب قائلا : ( لماذا لا تضعون شعارات الاسلام ضمن اسماء وواجهات مؤسساتكم ) فرد أردوغان قائلا : ( نحن مهتمين بالشريعة والإسلام كقيمة وليس شعارات ) واضاف : ( عندما نضمن فرص الصعود للقيادة بعدالة وفق المؤسسية القانونية للعمل والتنظيم وعندما نطبق العدالة كمفهوم شامل لكل أبناء تركيا حتي خصومنا ونهتم بالإنسان التركي كإنسان بقض النظر عن لونه السياسي أو إنتمائه الجهوي والفكري بذلك نكون طبقنا الاسلام كقيمة وليس شعار ) .. سقت هذه التقدمة لأقول أن شعار : ( حرية .. سلام وعدالة ) الذي طرحته الحرية والتغيير بعد ١١ ابريل ٢٠١٩م كقيمة أولي به الإسلاميين لأنه مضمن كمبدأ ومرتكز أساسي ضمن كثير من القوانين والنظم التي وضعوها كأساس للحكم لكن بكل أسف فشل الإسلاميين في تطبيقها كممارسة وهذا لا يعني أنهم مجردين عنها بل بعد تجربتهم علي علاتها قدمت الحرية والتغيير أسوأ نموذج في تطبيق الشعار .. ( حرية ..سلام وعدالة ) حيث تفشي التطرف والعنف وغياب منطق الدولة وتراجع منسوب المواطنة بشكل مريع .. إن فشل الإسلاميين في تطبيق قانون حرية الحرية والصحافة والتعامل معها بإجراءات إستثنائية والتراجع عن طبيق قانون الحكم الاتحادي وسلب سلطات الولايات التي منحها لها القانون ذلك كان أسوأ نموذج في حكم الإنقاذ لكن ذلك لا ينفي الجهود المستمرة والسعي لكمال هذه القوانين وتطبيقها ويقيني أن الجدل حولها كان عامل من عوامل الخلاف والسقوط لكن إذا قورن ذلك بما تم حاليا من ضياع لعزة وهوية وتاريخ الإنسان السوداني وما مس كثير من تجاربنا الوطنية المتقدمة من تشوهات وما خلقته الثورة من فوضي وتحديات أصابت كثير من ممسكاتنا الوطنية وموروثاتنا الاجتماعية إننا نجد أنفسنا قد تراجعنا بعكس ما كان مأمولا من التغيير وهذا متاح إذا أخذنا وقت قليل لفحص عينات عشوائية من التحولات الراهنة وتصورات الفاعلين في المشهد السياسي والمجتمعي الراهن .. نعم إن الإسلاميين في إحتياج لإستيعاب التحولات وعمل المراجعات وكسر القالب وتجاوز الأطر النمطية في التفكير فإذا كانت المملكة العربية السعودية قد كسرت القالب وتخلت عن إجتهادات بن باز وابن العثيمين وان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يدعو الرئيس الإيراني إلي زيارة المملكة ويطالب بتعزيز التعاون بين البلدين في شتي المجالات وقبل هذا كله ومنذ أعوام أطلقت السعودية مبادرة ( اهلا بالعالم ) عبر هيئة السياحة التي تترجم اهم مرتكزات إستراتيجيةةالسعودية ٢٠٣٠م وان السعودية اليوم تسابق الزمن لاستنطاق مكامن الثراء السعودي الثقافي والهوياتي وتحويله الي رساميل اقتصادية كبري لا تعتريها مضائق الاسعار وتحولات الاقتصاد التقليدية .. الإسلاميون بالسودان وبكل تياراتهم اليوم هم في امس الاحتياج الي تغيير نمط خطابهم وتوسيع نطاق الترحيب بالعالم وفق مرتكزات وثوابت الوطن لتحفيز الإقتصاد والمؤسسات الدولية وكسر ( الدش ) في يد بعض الدويلات و المنتفعين من تكريس ( الصورة النمطية للاسلاميين) وهذا يتطلب مشروع وطني ورؤية وطنية جديدة تستوعب كل هذا الثراء الوطني وتفتح المجال لكل العالم لاكتشاف المجتمع السوداني والإسلاميين السودانيين سياسيا وثقافيا واجتماعيا ومن ثم فهم الإسلاميين بشكل دقيق خارج اقواس الصورة وداخل قلب المعني الحقيقي للشعار ( حرية .. سلام .. وعدالة ) ..والإسلاميون ما يزالون لديهم الكثير مما يبهر ويفاجئ العالم فقط إذا تمكنوا من تجاوز صراعاتهم الصغيرة ونظروا لثراء وشعارات الاسلام والوطن لقيمة عملية لا شعارات وعبارات ضمن الأسماء واللافتات والقادم اجمل ..
نواصل انشاء الله